الشيخ عبدالرحيم البرعي .. مدرسة الصوفيه المعتدله

ما ان تذكر الطرق الصوفية ورجالها في السودان الا ويبرز اسم الشيخ عبدالرحيم محمد وقيع الله البرعي أحد أبرز رموزها، فقد أرسى طيلة حياته قواعد متينة للاصلاح الاجتماعي، تقوم على السماحة واللين والتواضع والزهد في الدنيا الذي يمثل سمة رئيسية لشخصيته التي جمعت حولها مئات الآلاف من المريدين داخل الوطن وخارجه. واستطاع بأسلوبه السلس وعبقريته المتفردة ان يوظف ملكات الشعر لديه في مدح النبي، وتنزيل سيرته وأصحابه عبر قصائده التي تفيض حبا وشوقا صافيا ملأ قلوب المحبين.
وُلد الشيخ البرعي في قرية الزريبة بالقرب من مدينة بارا في ولاية شمال كردفان غرب السودان عام 1923م، ولقب بالبرعي تيمنًا بالشيخ عبدالرحيم البرعي اليمني الذي اشتهر بمدح النبي الكريم، حيث درج السودانيون على اطلاق اسم البرعي على كل من سمي " عبدالرحيم "، وقد حفظ القرآن على يد والده الشيخ محمد وقيع الله ونهل من علوم الشريعة والفقه، ومنحته عدد من الجامعات الوطنية درجة الدكتوراة الفخرية كجامعة أم درمان الإسلامية، والجزيرة، والنيلين، وكردفان.
وفي مجال نشر الدعوة الاسلامية انشأ حوالي 15 معهدا لتعليم القرآن وعلومه بمختلف انحاء البلاد بالاضافة الى منطقته "الزريبة" التي اصبحت مركزا للاشعاع المعرفي، ينهل من معينها طلاب العلم في شتى صنوف العلوم الدينية، وألف العديد من الكتب ابرزها هداية المجيد في علوم الفقه والتوحيد، وله الكثير من دواوين الشعر في مدح الرسول، ابرزها بهجة الليالي والأيام في مدح خير الأنام.
لعب البرعي دورا مهما طيلة سني عمره في إجراء المصالحات بين القبائل والتوسط لمعالجة كثير من القضايا الاجتماعية المعقدة، وكان لزيارته لوفدي التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية بضاحية نيفاشا الكينية أثر كبير على الطرفين في التوصل الى اتفاقية السلام الشامل التي أوقفت حرب الشمال والجنوب.
وعالج بقصائده الكثير من القضايا الاجتماعية التي تلامس حياة الناس في معاملتهم اليومية أو حتى داخل الأسر، وقصيدته التي مطلعها "بوريك طبك أحسن في من عاداك أو من يحبك أذكر إلهك " وهي روشتة لعلاج الكثير من الأمراض المجتمعية من عقوق للوالدين والحسد وغيرها، وقدم وصفة علاجية أخرى بعد تفشي ظاهرة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج وذلك عبر قصيدته الزوجة المبروكة، ولم يكتف بمحاربة ظاهرة غلاء المهور بالشعر، بل طبق ذلك عمليا بإقامة مهرجانات الزواج الجماعي الميسر وقام بتزويج الآلاف من الشباب.
وتعد قصيدته مصر المؤمنة من أبرز ما تلقى صدى حسنا داخل السودان وخارجه. وتوفي الشيخ البرعي في فبراير عام 2005
عن عمر يناهز 82 عاما، مخلفا تراثا ثرا من العلم والمشاريع الخيرية التي تنبض بالحياة، خدمة للفقراء وطلاب العلم في شتي بقاع السودان.


فيس بوك
0تعليق

تعليقات الفيس بوك